mercredi 17 mars 2010

أبوزيد معلمة تاريخية في سيصيض

*

--==*==--

أبوزيد معلمة تاريخية في سيصيض

--==*==--

*

ورد في مواضيعنا المختلفة في مدونة قبيلة أيت مزال، مكان يحمل اسم (بوزيد)، حيث تنسب إليه بعض الأماكن في أحواز قرية سيصيض، ومن أشهرها، (معبر أبوزيد) الواقع على وادي أيت مزال، الذي تمر بمحاذاته طريق توبلخير تاسيلا الرابطة بين أيت باها وإداكنيضيف، وقد اشتهر هذا المعبر في الحاضر بهذا الاسم نظرا لوقوعه في المكان الذي يعرف به، وفي هذا الموضوع سنحاول معرفة سر هذا الاسم، وموقعه الحقيقي، ومن هو الشخص الذي يحمل اسمه

فمعبر أبوزيد النهري الحالي، لا علاقة له بهذا الاسم مطلقا، واسم هذا المعبر الحقيقي والأصلي هو (تيتكار)، وقد غلب عليه اسم أبوزيد حاليا عند الاطلاق العام لجهل أغلب السكان باسمه الحقيقي، أما اسم أبوزيد فيطلق على منشأة تاريخية، تقع الى الشرق غير بعيد من معبر تيتكار على ضفة الوادي الجنوبية، تسمى (أزرك أوبوزيد) وهي عبارة عن رحى مائية قديمة، تحمل اسم صاحبها وهو (أبوزيد)

فمن هو أبوزيد هذا الذي تشتهر به هذه المنطقة

أبوزيد هو أحد قدماء أجداد قرية سيصيض، وتنتسب اليه حاليا عائلة أيت صالح وأيت أنجار بسيصيض، وقد أشرنا الى تاريخ هذه العائلة في موضوع الأسر المزالية في مدونة قبيلة أيت مزال، وفيما يلي نص هذه الفقرة

أيت بوزيــد الهشتوكي

عائلة عاشت بدوار سيصيض منذ القرن 16م واشتهرت باسم جدها الأعلى بوزيـد بن احمد بن عمر الشتوكي، وعاش بين القرنين 15م و16م، وقد ضرب الفناء مضربه في هذه العائلة سواء بسبب وباء الطاعون الشهير سنة 1800م، أو بفعل الهجرة بين أفرادها، فلم يبق منها الا فرعين اثنين يعيشان حاليا بين سكان سيصيض

إذن أبوزيد هو الجد الأعلى لهذه الذرية، وهو الذي توارث حفدته هذه الرحى المائية من بعده، ومن أشهرهم عائلة أيت صالح، نسبة الى جدها، الحاج صالح بن احمد الصباني، حفيد أبوزيد المذكور، والذي عرف عنه أنه اشتغل في هذه الرحى، في القرن 19 الميلادي، ثم انقطع العمل فيها مع بداية القرن 20 الميلادي، وخاصة بعد ظهور آلات الطحن الحديثة التي تعمل بالمحركات ذات البنزين وكانت مستقرة في مركز تيمزكيد أوسرير، والتي توقفت أيضا بدورها في أواخر القرن 20 الميلادي، بعد ظهور الآلات المتطورة التي تعمل بالطاقة الكهربائية في سوق أيت باها

وبالرجوع الى تاريخ هذه الرحى المائية لمعرفة من هو مؤسسها الحقيقي، هل أبوزيد نفسه أم أحد حفدته الذي يشترك مع والده في اسم أبوزيد بالنسب

فكلمة (أزرك أو بوزيد) تحتوي على ثلاثة مقاطع وهي كلمة (أزرك) وهو الرحى، ثم كلمة (أو) وتدل بالأمازيغية على نسبة الرحى لصاحبها، ثم كلمة (بوزيد) وهو الشخص المنسوبة اليه هذه الرحى

ومن جهة أخرى يطلق على الأحواز المحيطة بالرحى كلمة (دار أوبوزيد) أي (عند أبوزيد) وكلمة (دار) أمازيغية، تعني (عند) وهي ليست عربية (وليس المقصود بمعناها المنزل أو البيت) بل تنطق أمازيغيا بالمد الرقيق الخفيف مثل فعل (كان) العربي

وفي تحليل هذه الكلمة أرى نفسي أميل كباحث، الى أن مؤسس هذه الرحى هو أبوزيد نفسه، والدليل على ذلك، ما يأتي

إذا تحركنا شرقا في اتجاه مقدم الوادي غرب سيصيض، غير بعيد عن موقع الرحى، سوف نجد بحيرة قديمة تحمل اسما متوارثا منذ القدم وهو (تامدا نعومار) أي بحيرة عمر، ومن يا ترى هذا الشخص المسمى (عمر)، إنه جد (أبوزيد) نفسه، فهو أبوزيد بن احمد بن عمر الهشتوكي، وبما أن هذه البحيرة تحمل اسم (عمر) فهذا يدل على أنه هو أول من قام بحفرها في زمنه، وربما كان أيضا أول من فكر في مشروع بناء رحى تعمل بالطاقة المائية، لطحن الحبوب في هذه المنطقة، والتي تحتاج الى سد صغير على الوادي وبحيرة تتجمع فيها المياه التي تستمد منها الساقية المياه اللازمة لتشغيل الرحى المائية والمقامة غير بعيد عن بحيرة تامدا نعومار، وربما لم تسعف الأيام هذا الرجل أن يحقق مشروعه في حياته، وأتمه حفيده (أبوزيد) من بعده

ثم يأتي سؤال آخر يفرض نفسه، وهو : ما هو الدافع الذي جعل صاحب هذه الرحى يختار هذا الموقع البعيد عن قريته سيصيض بالضبط، ؟ والجواب عن هذا السؤال نجده في موقع البحيرة والرحى مجتمعين، فكيف ذلك

إذا التفنا جهة الجنوب، وتوغلنا قليلا بين مدارج ضفة الوادي الجنوبية، فسنجد أطلال سوق قديمة جدا، تعرف باسم (سوق السبت نتزوكنيت) بالنون المشددة، وتزوكنيت بالأمازيغية تعني مؤنث أزوكني، وهو عشبة الزعتر، وتنبت بكثرة في هذه المنطقة، وقد أشرنا الى تاريخ هذا السوق في موضوع أسواق قبيلة أيت مزال في هذه المدونة

وإذا تمعنا في هذه الاستنتاجات تخلص الى أن هذه الرحى كانت من ضمن مرافق السوق، ومنها الدكاكين التي لازالت أطلالها شاهدة على وجود هذا المجمع التجاري القديم

ومما يزيدنا اقتناعا بوجود هذا السوق الذي تتوسطه هذه الورشة، نرجع الى موقع الرحى، ونلتفت الى جهتها الغربية، فتتراءى لنا أطلال بناية قديمة أخرى لا زالت جدرانها قائمة، وما هي الا مسجد السوق المذكور، فهذه المرافق كلها تدل على أن (أزرك أوبوزيد) يعكس لنا صورة حقيقية لسبب وجود هذه المنشأة، وأنها لم توضع في موقع عشوائي يظن الزائر لهذه المنطقة حاليا بأنها منعزلة بين أحراش جنبات الوادي المهجورة، بل كانت متواجدة في وسط حضاري مزدهر عريق بين ضفاف هذا الوادي المزالي الى جانب الجنان والبساتين الغناء التي تزود هذا السوق بكل ما يحتاجه من المنتوجات الزراعية

هذه إحدى معلمات قرية سيصيض المزالية، وقد خصصت لها هذا البحث لشهرتها على صعيد قبيلة أيت مزال، وما جاورها من القبائل السوسية، فهي إحدى المعالم الكبرى التي اعتمد عليها الرحل والقوافل التجارية قديما للاهتداء بها عندما يريدون عبور وادي قبيلة أيت مزال الى مقاصدهم سواء داخل القبيلة أو خارجها

وفيما يلي عرض للصور التي تقربنا من فهم ما هو منقول، وهي خير دليل على ما نقول، للراغب في معرفة على ماذا نجول، وحرصا منا على تاريخنا ألا يزول

*

--==*==--

*

يبدو هذا المسلك المحاذي لضفة الوادي كطريق للراجلين

وفي الحقيقة ليس إلا جزءا من ساقية تجري فيها المياه

إلى الرحى المائية - أزرك أوبوزيد

* * *

جانب آخر من الساقية وهي تحاذي ضفة الوادي

لتوصل المياه إلى الرحى

* * *

صورة تظهر امتداد الساقية إلى منطلقها بالسد الصغير المقام بالوادي

حيث تندفع فيها المياه وهي تجري إلى أن تصل مكان الرحى

* * *
منظر رائع للوادي وهو يجري بجانب الساقية المحاذية له
* * *

أطلال ورشة الرحى وقد أتى عليها الخراب ولم يبق منها

الا الجذران المهدمة والتي تحكي ماضيها العريق

* * *

هنا نهاية مجرى الساقية حيث تندفع مياهها لتجري في هذه القناة

وكانت السانية تتوسط الجذارين ويديرها التيار المائي الذي يجري تحتها

وأثناء دورانها تقوم بعملية طحن الحبوب وخاصة الشعير

وهو الغذاء الرئيسي في جبال الأطلس الصغير آنذاك

* * *

كانت السانية أو الأرجوحة المائية راسية بين هذين الدرجين الحجريين

وكانت المياه تجري تحتها في هذه القناة وتديرها حسب قوة التيار المائي

وفي وسط السانية رابط متصل في الجانب الأخر من هذه البناية حيث توجد الرحى

وتديره السانية ليحرك الرحى وأثناء دورانها تقوم بعملية طحن الحبوب

* * *

هذا كل ما وجدته من آثار رحى أبوزيد بالصدفة

ويظهر في وسطها الشق والثقب الذي يوصلها مع جزئها الثاني

والذي لا يوجد له أثر بين هذه الأطلال

وهذا الجزء الظاهر في الصورة ليس الا ربع الرحى

فقد كانت هذه الرحى كبيرة وضخمة

ويلاحظ أن لونها نقي يميل إلى البياض

بالرغم من مرور ثلاث قرون على زمانها

وربما لا زالت بقايا الدقيق عالقة بين تجاويف ثقوبها

* * *

جانب آخر من جزء الرحى السفلي

وقد أخرجتها من الوحل وأزلت ما بها من تراب ووحل لتظهر بوضوح

وهذا تاريخنا نراه يتعرض للاهمال فأين دورنا في المحافظة

على ماضينا وآثار آبائنا وأجدادنا

* * *

نهاية الساقية ومدخل قناة الرحى من الجهة الشرقية

حيث تدور السانية بقوة التيار المائي

* * *

هذا كل ما تبقى من ورشة أزرك أوبزيد

وفي داخلها كانت الرحى منتصبة ومثبتة

وكم من أكياس الدقيق اكتالها الناس هنا

* * *

هذه هي الجهة الغربية لرحى (أزرك أوبوزيد)

وتظهر وراء الغدير أطلال مسجد السوق

الواقع قرب هذا الموقع والمشهور

بسوق السبت نتزوكنيت

* * *

*

--==*==--

تحرير وتقديم

محمد زلماضي المزالي

Zalmadi-mohamed@hotmail.com

--==*==--

*

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire